14/09/2024 - 19:58

حوار مع أفنان كناعنة | الحرب على غزة وانتهاك الفضاء الرقمي الفلسطيني

كناعنة: "لم يعد لدينا مجال للتعامل مع التكنولوجيا على أنها وسيط حيادي نستخدمه وليس له تأثيرات كبيرة على حياتنا، بل إن التكنولوجيا بالنظر إلى كيفية استخدامها يمكن أن تتحول إلى أداة قمع قد تتوسع من خلالها كل عمليات القتل والمجازر..."

حوار مع أفنان كناعنة | الحرب على غزة وانتهاك الفضاء الرقمي الفلسطيني

(توضيحية - Getty images)

كشفت ورقة تقدير موقف بعنوان "الحرب على غزة – قراءة تحليلية في التبعات والآثار على الأمان الرقمي لدى الشباب الفلسطيني" كتبتها أَفنان كُناعنة وصدرت عن حملة- المركز العربي لتطوير الإعلام الاجتماعي، عن العواقب الخطيرة لاستخدام التكنولوجيا الحديثة كأسلحة تخدم المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وعن تصاعد الانتهاكات الرقميّة لحقوق الفلسطينيين/ات خلال الحرب على غزة.

تغطية متواصلة على قناة موقع "عرب 48" في "تليغرام"

وتشير الورقة إلى تحول الفضاء الرقمي إلى ميدان فعلي إضافي للحرب، ما دفع بالبنتاغون، في العام 2011، إلى إضافة الفضاء الرقمي رسميًا، باعتباره الميدان الخامس للحرب، إلى جانب الأرض والبحر والجو والفضاء، ذلك لأن الإنترنت غيَّر الطريقة التي تُخاض وتدار بها المعارك والحروب في العصر الحديث.

وترى في هذا السياق أن الحالة الفلسطينية نموذجًا لواحدة من أكثر الصراعات والحروب الرقمية شراسة، مشيرة إلى أن الشركات الرقمية لم تكتفِ بمصادرة وقمع جميع الحقوق التي تكفلها المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، بعد السابع من أكتوبر 2023، بل كانت شريكة فاعلة ومتواطئة في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة خصوصًا، وعلى الفلسطينيين وداعمي القضية الفلسطينية عمومًا.

وتضيف الورقة أن عسكرة الاحتلال للتقنيات المعززة بالذكاء الاصطناعي، وتوظيفها كأدوات رئيسية في صناعة القتل والاغتيالات الجماعية، حقق أقصى حد من الدمار والخسائر الجماعية في القطاع، وهو ما جرد الفلسطينيين من فرص ذات نسب أعلى بالنجاة والحفاظ على أمانهم الجسدي، إضافة إلى تمهيد المنصات لخلق بيئة مواتية للقتل وارتكاب جرائم حرب بحق الفلسطينيين.

وتفيد أنه منذ بداية العدوان، استهدفت المنظومة العسكرية الإسرائيلية البنى التحتية لقطاع الاتصالات في غزة بشكل متعمد وممنهج، مما أسفر بناءً على تقرير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عن انقطاع خدمات الاتصالات عشر مرات على الأقل بشكل كامل، وذلك حتى منتصف نيسان من العام الجاري، وإلى خروج 75% من أبراج الاتصالات التي يبلغ عددها 841 برجًا عن الخدمة، وهو ما تسبب بتراجع حاد بنسبة 91% في القيمة المضافة لنشاط المعلومات والاتصالات في الشهور الثلاثة الأولى من العدوان على القطاع.

ويعتبر هذا الاستهداف للبنى التحتية للاتصالات وتقييد وصول الفلسطينيين إلى الإنترنت انتهاكًا لحقهم في التواصل، ويخلق مناخًا من الشك، الرهبة، وعدم اليقين لدى الأفراد، كما أسهم سهم انهيار قطاع الاتصالات في التعتيم والتستر على المجازر التي ترتكبها إسرائيل في القطاع، في انتشار المعلومات المضللة، وفي إعاقة طلب الفلسطينيين للنجدة وحرمانهم من الوصول لمعلومات حيوية حول سبل النجاة تحت حملات القصف الهائلة.

وبشكل مماثل، قوضت الحرب على غزة كل الهياكل الاجتماعية، المعمارية، المؤسساتية، الأخلاقية، الحقوقية، الرقمية، والقانونية الطبيعية أو حتى المعتادة في حياة الفلسطينيين. وقد كان للمنصات الرقمية دور مفصلي في تحقيق ذلك من خلال تسييل الحدود لكل ما هو مألوف وآمن لهم وتمييع المناطق الحدية أكثر مما كان عليه قبل الحرب.

وهو ما سمح باختراق أمان الشباب الفلسطيني على مدار الساعة، وهم في منازلهم وأَكثر الأماكن حميمية وأمنًا لهم، وبتغلغل الخوف إلى نسيجهم النفسي والاجتماعي من خلال أجهزتهم المحمولة، وسلبهم بالموازاة لذلك جميع الأدوات والآليات القانونية، الاجتماعية، الاقتصادية، والتقنية اللازمة لضمان حقوقهم، كرامتهم الإنسانية، وحياتهم.

أَفنان كناعنة

وبهذا الصدد، أجرينا هذا الحوار مع الباحثة أفنان كناعنة لإلقاء المزيد من الضوء على هذا الموضوع.

"عرب 48": الورقة طرقت باب موضوع غاية في الأهمية في ظل تحول العالم الرقمي إلى ميدان من ميادين الحرب، كما برز جليًا في الحرب على غزة؟

كناعنة: الفكرة جاءت من مركز "حملة" بعد كل ما حصل غداة السابع من أكتوبر، حيث رأينا أن العالم الرقمي والإنترنت كان لهما دور مركزي في كل عمليات القمع التي تعرض لها الشباب الفلسطيني في الضفة، القدس، الداخل، وبالطبع في غزة، حيث يدفع الصحفيون هناك أثمانًا لمجرد بث الوقائع التي تجري على الأرض.

لم يعد لدينا مجال للتعامل مع التكنولوجيا على أنها وسيط حيادي نستخدمه وليس له تأثيرات كبيرة على حياتنا، بل إن التكنولوجيا بالنظر إلى كيفية استخدامها يمكن أن تتحول إلى أداة قمع قد تتوسع من خلالها كل عمليات القتل والمجازر، الترهيب، والملاحقة، وأن تترك بالتالي أثرًا على جوانب مختلفة من حياتنا، مثلما بينت الورقة.

وتظهر تجليات تلك التأثيرات ابتداءً من قدرتنا على النجاة والحفاظ على سلامتنا الجسدية والنفسية، وحتى الحفاظ على أمننا الاقتصادي واللغوي وغيره، وباختصار نستطيع أن نقول إن العالم الرقمي تحول إلى ميدان حرب تُخاض فيه المعركة بنفس الشدة والحدة التي تُخاض فيها على أرض الواقع، ولم يعد باستطاعتنا الفصل بين ما يجري في العالم الحقيقي عن العالم الرقمي، لأن تبعات ما يجري في العالم الرقمي تنعكس علينا في الواقع.

وعليه، فإننا نتحدث اليوم عن مستوى آخر من المعارك والحروب، والتي تكون فيها الشركات الرقمية بالأساس متواطئة مع المشروع الاستعماري والاحتلال القائم في منطقتنا، وهو ما ينسحب أيضًا على مناطق أخرى في العالم، حيث تقوم هذه الشركات، عوضًا عن أخذ دور فاعل من أجل نصرة الإنسانية والقضايا العادلة، بمنح القوي مزيدًا من القوة، وترسخ بالتالي الفوقية العنصرية وعلاقات القوة القائمة بين الشعوب والفئات المختلفة والقوى المتحكمة بمصائرها.

"عرب 48": استعمال هذا الميدان، كما أسلفنا، برز في الحرب على غزة من خلال استعمال تقنية الذكاء الاصطناعي في عمليات القصف الجوي، وهو ما يعزو إليه البعض سقوط هذا الكم الهائل من الضحايا المدنيين؟

كناعنة: صحيح، فالذكاء الاصطناعي هو سيف ذو حدين، يمكن استخدامه لأهداف تساعدنا في حياتنا اليومية، المهنية، الأكاديمية، أو أي جانب آخر يسهل علينا الحياة، ويمكن أن يتم توظيفه لغايات وأغراض قمعية وحربية إجرامية كما استعملته إسرائيل في الحرب على غزة، لأنها تستطيع بواسطة الذكاء الاصطناعي أن تحدد النقطة التي يفترض أن يتم استهدافها بشكل أَكثر دقة، وأن تضمن تحقيق قدر أكبر من الخسائر والدمار وأعداد أكبر من الضحايا.
وقد جرى استعمال هذه التقنية في استهداف كل القطاعات، وصولًا إلى القطاع الصحي والمعيشي بما يشمل البيوت والبنايات السكنية وقطاع الاتصالات، وحتى أَكثر المناطق حيوية لنجاة المدنيين في غزة.

"عرب 48": ما هو تأثير الاستهداف المباشر لقطاع الاتصالات في غزة على ما أسمته الورقة "الأمان الرقمي" للمواطنين في القطاع؟

كناعنة: إسرائيل استهدفت أَكثر من 80% من أبراج الاتصالات الموجودة في غزة بشكل متعمد، وهدفت من وراء ذلك قطع اتصال الغزيين مع العالم الخارجي، وهو قناة رئيسية لتوثيق كل جرائم الاحتلال التي تحصل في غزة، وخلال الحرب غرقت غزة في ظلام رقمي عشر مرات، وهي تفعل ذلك للتستر على ارتكاب جرائم أَكثر وحشية وأَكثر عنفًا في غفلة من عيون العالم بغياب الاتصالات.

"عرب 48": هذا مع العلم أن الاتصالات لم تساعد الفلسطينيين كثيرًا في منع المجازر وحرب الإبادة، إذ تجري النكبة الثانية، بعكس ما اعتقدنا، بالبث المباشر وعلى مرأى ومسمع من كل العالم؟

كناعنة: الناس التي تحركت وتضامنت وخرجت إلى الشوارع هم مدنيون مثلي ومثلك يعيشون في أي مكان آخر من العالم، لكن أصحاب القوة الذين يملكون قدرة على اتخاذ القرار، هم أصلًا ليسوا بحاجة لوسائل الاتصال ليعرفوا ما هي الفظائع التي ترتكبها إسرائيل، لأن دولهم ارتكبتها في مناطق أخرى من العالم وفي حقب تاريخية سابقة أو ما زالت ترتكبها.

"عرب 48": هم مبدأيًا ليس لديهم اعتراض على هذه الجرائم، وممكن أن يكونوا شركاء فيها، أو أنها ترتكب بالأسلحة التي تزود بها هذه الدول الاستعمارية إسرائيل؟

كناعنة: صحيح، لكن الورقة تتحدث أيضًا عن الشركات الرقمية، وكيف تصبح شريكة مع الأنظمة الاستعمارية القائمة على سرقة ونهب الموارد الطبيعية لدى الشعوب المستعمرة، وطبعا هذه الموارد الطبيعية تشمل المعادن المستخدمة في صنع رقائق الحواسيب والهواتف المحمولة، وبالتالي فإن لدى هذه الشركات أصلًا منفعة اقتصادية من كل فكرة الاستعمار.

"عرب 48": ربما لهذا السبب لم يسارع إيلون ماسك إلى ربط غزة بالإنترنت الفضائي كما كان قد وعد؟

كناعنة: مع مطلع الألفية الثالثة، كانت هناك دراسات تشير أن هذه المنصات الرقمية من شأنها أن تجلب فرصًا مختلفة، تعطي مساحة أكبر للتعبير عن الرأي للأشخاص العاديين والبسطاء الذين لا يملكون محطات تليفزيونية وصحف، وكان هناك توقع أن المنصات الرقمية ستؤدي لدمقرطة العالم بشكل أكبر وتتيح مجالًا للفئات المستضعفة والمهمشة بأن تعبر عن نفسها. لكن في السنوات الأخيرة، وبالذات منذ عام 2016، عندما كشفت قضية شراء ترامب لمعلومات الأمريكيين من شركة "ميتا" وإرسالها لشركة "كامبردج أناليتيكا" لتحليلها ومن ثم استهداف المواطنين الأمريكيين بحملات انتخابية تخاطبهم باهتماماتهم الشخصية.

بعد هذه القضية حصل تحول مطلق في كل النظرة التي كانت سائدة للمنصات الرقمية، وسرى الاعتقاد بأن هذه المنصات ممكن أن تكون شريكة متعاونة في التلاعب بأفكار وتوجهات الناس وبمواقفهم، وحتى أن تؤثر على الصعيد السياسي.

هذه القضية أحدثت نقلة هائلة في النظرة إلى هذه المنصات، وأنها لا تؤدي إلى دمقرطة وإنما إلى زيادة القمع والتلاعب والبروباغندا، مثلما نرى اليوم مع القضية الفلسطينية.

"عرب 48": التمييز ضد الفلسطينيين وانحياز هذه المنصات لصالح إسرائيل ظاهر للعيان

كناعنة: بدون شك أن هذه الشركات كان بمقدورها توفير بدائل الإنترنت لأهالي غزة، ولم تفعل لأنها متواطئة. ففي بداية الحرب، عندما قصفت أبراج الاتصالات، كانت هناك مطالبات من قبل أناس من غزة لشركة "جوال" الفلسطينية بأن توفر تغطية إنترنت بطرق مختلفة عن طريق توسيع "الداتا" الممنوحة لهم، وفي بعض الأحيان استجابت الشركة وفعلت ذلك، مما يشير إلى وجود طرق أخرى منها امتلاك ما يسمى "إي سيم" بمعنى أن لديك اتصالًا بالإنترنت بدون شريحة، وهي الطريقة التي تستخدم بشكل عام خلال السفر، وقد جرى شراء مثل هذه الشرائح للصحفيين خلال انقطاع الإنترنت.

إيلون ماسك كان لديه توجه في البداية بأن يزود اتصالات عن طريق الأقمار الصناعية، ولكن لاحقًا إسرائيل مارست عليه نوعًا من الضغط، ومن ثم جلبوه إلى جولة في إسرائيل، فحدث لديه تحول بـ 180 درجة، رغم أنه كان يقول بأن لديه كميات هائلة من الأموال تجعله عصيًا على الضغط الإسرائيلي، ولكن ما حصل أن إسرائيل أخضعته.

"عرب 48": كان هناك أكثر من تقرير، بعضها لمركز "حملة" أيضًا، عن التمييز الذي تمارسه تلك المنصات ضد المحتوى الفلسطيني، كيف تبدى ذلك خلال الحرب على غزة؟

كناعنة: الادعاء المركزي في الورقة أن العالم الرقمي جعل الحقيقة مائعة أو مطاطة، بمعنى أنه غيب وجود حقيقة واضحة في حياتنا، فالحقيقة أصبحت وجهات نظر تتلاءم مع الصوت الذي يريده القوي. وفي هذا السياق، يتم إسباغ الشرعية على وجهة النظر الإسرائيلية والتشكيك بوجهة النظر الفلسطينية بشكل دائم.

هذا الأمر ينعكس على التعامل مع المحتوى الفلسطيني الذي يخضع لمراقبة من خلال إعدادات أوتوماتية، بحيث يتم حذف أي محتوى يشمل كلمات على غرار "شهيد" أو "مقاومة" أو غيرها من المصطلحات التي تعبر عن القاموس السياسي الفلسطيني، وحتى كلمة صهيوني كان استعمالها يستدعي حذف المحتوى لاعتبارها تدخل في خطاب كراهية ضد إسرائيل، كما يدعون.

كما أن شعار "من البحر إلى النهر" جرى تفسيره على أنه دعوة لإبادة إسرائيل بمن فيها، ما استدعى مركز "حملة" إلى تقديم شكوى لشركة "ميتا" وتوضيح حقيقة أنَّنا عندما نقول فلسطين حرة من البحر إلى النهر فهذا يشمل حرية كل السكان بمن فيهم اليهود.

"عرب 48": هناك محاولات ناجحة إلى حد بعيد لتجريم النضال الفلسطيني بإدخاله تحت مظلة الإرهاب أو معاداة السامية؟

كناعنة: بمجرد أن يكون المنشور باللغة العربية وكاتبه داعم للقضية الفلسطينية، فإن المنصات تقيد عدد المشاهدات على هذا المنشور. فإذا كان سيحوز بشكل طبيعي على 3000 إعجاب أو مشاهدة، سينخفض أوتوماتيكيًا إلى 300 إعجاب أو مشاهدة، علمًا أن المنشورات باللغة العبرية لا يُفرض عليها أي تقييد رغم أنها منشورات تحريضية تنادي بالحرق والقتل، وجزء منها كان سببًا لما حدث في حوارة.

"عرب 48": كيف انعكس موضوع الأمان الرقمي خلال الحرب على الفلسطينيين خارج غزة؟

كناعنة: هناك فروقات معينة بين الضفة، القدس، والداخل. ففي الضفة هناك أسلوب شائع كثيرًا يسمى "الإسقاط"، حيث يجري جمع صور ومعلومات شخصية من الهاتف الخاص بصورة غير شرعية، غير مبررة، وغير قانونية، ويجري استخدامها لاحقًا للتهديد والابتزاز وإسقاط الشخص في شباك المخابرات. وعادة ما يكون ضحايا هذه العملية من مجتمعات مهمشة مثل النساء أو مجتمع الميم، التي قد يتعرض أفرادها للخطر في حال انكشاف سلوكيات معينة. وهذا الأمر قد يحدث عند تفتيش الهواتف على الحواجز أو إثر اعتقال شاب أو فتاة معينة.

كما أن تقنيات الرقابة القائمة في أراضي 67 على الحواجز، في المدارس، ومحطات الباصات، تجعل الشباب يشعرون بأنهم مراقبون على مدى 24 ساعة وتدفعهم لممارسة رقابة ذاتية على أنفسهم.

"عرب 48": هذا ما حصل معنا جميعًا خلال الحرب على غزة؟

كناعنة: هناك استبيان أجراه مركز "حملة" في الداخل أظهر أن 70% من الشباب من فلسطينيي الداخل، صاروا يمتنعون عن وضع إعجاب أو تعليق أو مشاركة منشور كي لا يتم مساءلتهم.
كما أن القانون الذي جرى تمريره مؤخرًا تحت مسمى تعديل قانون مكافحة الإرهاب يجيز اعتقال أي شخص لمجرد استهلاكه بشكل متكرر وممنهج لمواد تعرفها إسرائيل بالإرهابية، وهم يستطيعون الحصول على هذه المعلومات من الشركات.

وفي القدس كانوا يعتقلون الشبان لمجرد أنهم نزلوا على هاتفهم الشخصي تطبيق "تلغرام" الذي يتبع سياسة انفتاح بعدم فرض رقابة أو حظر مواد تعتبرها إسرائيل تحريضية، أسوة بالتطبيقات الأخرى، وكثيرًا ما كانوا يفتشون حقائب الطلاب أو يقتحمون المدارس لهذا الغرض.

"عرب 48": كان هناك شعور بأنه قد جرى استهداف للـ48 بشكل خاص؟

كناعنة: ليس بالضرورة، ولكن نحن ننكشف أكثر لما يحدث عندنا. كانت هناك اعتقالات واسعة في القدس والضفة أيضًا، ولكنها عادة ما تتم على الحواجز ولا تحظى بالكثير من التغطية. ولكن يجب أن لا نغفل أن ما حدث عندنا في الـ48 أحدث صدمة هائلة ورعبًا كبيرًا انتشر بين الجميع، خاصة وأنهم قاموا باعتقال شخصيات شهيرة مثل الفنانة دلال أبو آمنة والممثلة ميساء عبد الهادي وغيرهما، فأصبح المواطن العادي يقول إذا كانت هذه الأسماء لا تتمتع بالحصانة، فكيف بالإنسان البسيط.

ما ميز الـ48 أيضًا أن العديد منا لديه أصدقاء يهود على "فيسبوك" أو "إنستغرام"، وهذا مرتبط بطبيعة حياتنا. فهؤلاء إما زملاء بالعمل أو في التعليم، تحولوا فجأة إلى مخبرين، وقام قسم كبير منهم بتقديم شكاوى ضد زملائهم العرب، أو قاموا بمشاركة منشوراتنا التي يعتقدون أنها تحريضية مع الشرطة أو الجامعة أو مكان العمل، والأدهى أن هذه الجهات لم تكشف أسماء المشاركين أو المخبرين، ما جعلنا نشكك ببعضنا البعض وزاد من شعور فقدان الثقة وغياب الأمان الرقمي.


أَفنان كناعنة: طالبة ماجستير في دراسات الاتّصال والإعلام بجامعة حيفا، وحاصلة على درجة البكالوريوس في اللغة العربيّة والإعلام. تتركّز اهتماماتها البحثيّة في مجالات الإعلام، اللغة، الثقافة، الجندر، السياسة، القوميّة، والتكنولوجيا. عملت سابقًا كمُعيدة لمُدّة ثلاث سنوات في قسم الإعلام بجامعة حيفا، كما شغلت منصب مُركّزة إعلام في مركز مدى الكرمل وكاتبة مُحتوى للموقع في مركز عدالة. تعمل اليوم كمُستقلّة في مجالات البحث، الترجمة، الكتابة الصحافيّة، الثقافة، والأدب.

التعليقات